ربما معظمنا سمع من قبل أو يعرف أنه عند انفجار أحد النجوم (أو موتها) في المُستَعِر الأعظم، ينتج عن ذلك ثقوب سوداء. لكن هل سمعت من قبل بالثقوب البيضاء؟ ما هي تحديداً؟ وأيهما أقوى، الثقوب السوداء أم الثقوب البيضاء؟!
سيكون مقالنا اليوم عن الثقوب البيضاء، لكن قبل ذلك سوف نتطرق قليلاً إلى الثقوب السوداء ومعرفة ماذا تعرف عنها.
من المعروف أن الثقب الأسود عادةً ما ينتج بسبب موت أحد النجوم، وهو عبارة عن منطقة تكون فيها الجاذبية شديدة جداً، حيث أن لا شيء ينفذ منها حتّى الضوء. هذا ما يفسر عدم قدرة الناس على عدم رؤيتهم للثقوب السوداء، وذلك بسبب عدم تمكن الضوء من النفاذ منها، فقط بعض التيليسكوبات الفضائية والمجهزة بأدوات مخصصة يمكنها كشف الثقوب السوداء، ومن خلالها يستطيع العلماء دراستها ومعرفة كيفية تصرف النجوم القريبة بشكل مختلف عن باقي النجوم.
المثير للدهشة أيضاً، أن جميع المجرات الكونية -بما فيها مجرة درب التبانة- تحتوي في مركزها على ثقب أسود كبير، ولمعرفة حجم الثقب الأسود الهائل الموجود في مجرتنا (يطلق عليه اسم القوس A)، بإمكانك أن تتخيل كرة كبيرة جداً تتسع لـ 4 ملايين شمس وبضعة ملايين من كوكب الأرض!
ما هو الثقب الأبيض؟
الثقوب البيضاء هي الشكل المعاكس تماماً للثقوب السوداء، وهو عبارة جسم كوني ينبعث منه ضوء شديد جداً، وبدلاً من سحب المادة وجذبها كما تفعل الثقوب السوداء، فهو يلفظ المواد خارجه.
في الواقع، تنبأ آينشتاين بالثقوب البيضاء من خلال النظرية النسبية، حيث يعمل الثقب الأسود كنفق تدخل منه المواد عبر مكان معين في الكون، وآخر هذا النفق هو الثقب الأبيض لينتهي الأمر بهذه المواد في مكان آخر بالكون -ربما تفكّر الآن بموضوع السفر عبر الزمن.
تفاصيل أكثر عن الثقوب البيضاء
من الناحية النظرية، الثقب الأبيض يُعتبر المثال المضاد للثقب الأسود. بحسب القوانين الرياضية والفيزيائية، فإنها من المفترض أن تكون موجودة، لكن في الواقع لم يتم العثور على مثال حقيقي في الكون لاثبات هذه النظرية.
كما وضحنا سابقاً، إذا نظرنا من بعيد، سنرى أن الثقوب البيضاء هي امتداد كوني للثقوب السوداء، بعض العلماء والباحثين في هذا المجال يعتقدون أن المستعرات الأعظمية التي وجدها العلماء بعيدة جداً في الكون ما هي إلا انتشار لهذه الثقوب البيضاء!
حقيقة الأمر أن تشكل الثقوب البيضاء بطيء للغاية بعد موت النجم، لذلك تحتاج إلى وقت طويل جداً لمعرفة كيفية تكونها تحديداً أو حتّى ملاحظة وجودها.
كيف تتشكل الثقوب البيضاء
بالنظر إلى ما سبق، فإن الثقوب البيضاء مرتبطة ارتباطاً تاماً بالثقوب السوداء، وبالتالي يوجد العديد من التفسيرات والنظريات حول كيفية تشكلها.
بإمكاننا اعتبار أن عالم الكونيات الروسي أيغور نوفيكوف هي الأقرب للواقع، والذي اعتبر فكرة أن الثقوب البيضاء هي عبارة عن توأم كوني للثقوب السوداء هي الحل لنظريات النسبية لآينشتاين، وذلك عن طريق أبحاث مهندس الزمكان الألماني شوارزشيلد الذي وبحسب حلّه لنظريات آينشتاين أنه بالإمكان وجود توأم للثقوب السوداء وهي ما يُعرف الآن بالثقوب الدودية والتي بإمكان الأجسام المرور من خلالها -نظرياً- والانتقال بداخلها بسرعة كبيرة بينها وبين الثقب الأسود.
التظريات والتفسيرات حول تكوّن الثقوب البيضاء كثيرة ومعقدة، وينظر إليها العديد من العلماء والبحثون أنّها ممكنة من الناحية النظرية ومجدية لحل المسائل الرياضية، إلا أنهم في نفس الوقت يستبعدون احتمال حدوثها أو وجودها على أرض الواقع، وذلك نتج بسبب قلقهم من انتهاك قوانين الانتروبيا، حيث أنّه من الممكن موت النجم وتحوله إلى ثقب أسود، لكن حدوث العكس بأن يموت ثقب أسود ويتحول إلى نجم يعتبرونه غير مجدي رياضياً.
السؤال الذي يدور في أذهان الجميع، بعد موت الثقب الأسود، أين ذهبت المواد التي ابتلعها ؟! الإجابة التي يراها العلماء مناسبة هي أنها تختفي داخل ثقب دودي وتخرج من خلال ثقب أبيض.
المثير للدهشة أيضاً، بعض العلماء توسعوا في تفكيرهم وتحليلاتهم بأن الانفجار العظيم الذي انبثق منه هذا الكون ما هو إلّا عبارة عن ثقب أبيض انبثقت منه المواد والمعلومات!
الخلاصة
يبقى هذا الكون غامض بشكل كبير جداً، ولا يُمكن التأكيد على صحّة أي نظرية من النظريات السابقة بشكل فعلي، ويرجع ذلك إلى سبب أنّ تشكل الثقوب السوداء أو الثقوب البيضاء قد يحتاج أحياناً إلى بلايين السنين، وهو الأمر الذي يصعب بل ويستحيل تتبعه، لذلك تبقى تلك مجرّد نظريات ما لم يجد العلماء بشكل فعلي وظاهر الثقوب البيضاء، حينها يُمكن تفسير ما حدث وإعطاء النظرية الصحيحة.
コメント